أكد أكاديميون ومسؤولون بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن الانتحال العلمي يُعدّ جريمة خطيرة، وهو سرقة فكرية تعكس عدم احترام الأمانة العلمية.
جاء ذلك خلال أشغال يوم تحسيسي حول مكافحة الانتحال العلمي في مجال البحث، انتظم اليوم الخميس 21 نوفمبر بمقر المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالعاصمة. ويتنزّل هذا اليوم التحسيسي في إطار الأنشطة العلمية التي ينظمها مخبر البحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية بالتعاون مع المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وهو يأتي، وفق المنظمين، في سياق الجهود المستمرة لتعزيز الأمانة العلمية وحماية حقوق المؤلف في المجال الأكاديمي.
استهلّ الأستاذ سمير بشة، رئيس مخبر البحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية بالمعهد العالي للموسيقى بتونس، بالحديث عن أشغال هذا اليوم التحسيسي في مكافحة الانتحال العلمي، قائلا إنه يأتي في إطار التوجهات الاستراتيجية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الرامية إلى مكافحة ظاهرة الانتحال العلمي وضمان نزاهة البحث الأكاديمي. وأضاف أن المخبر اختار أن يفتتح نشاطه السنوي 2024-2025 بتنظيم يوم دراسي يعكف على تناول قضايا متعلقة بالانتحال في مختلف مجالات البحث العلمي.
وأكد على أن الانتحال جريمة « متعمدة » حيث يتم التحضير لها بشكل ممنهج، وتظل آثارها السلبية مستمرة لفترات طويلة قد تؤثر على سمعة الضحية النفسية والمهنية. وشدد في هذا السياق، على ضرورة تقيد الباحثين بالأخلاقيات العلمية التي تفرض عليهم احترام حقوق الآخرين وعدم انتحال أفكارهم أو نتائج أبحاثهم.وبيّن أن ظاهرة الانتحال العلمي واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تونس. ولاحظ أن الانتحال العلمي لا يؤثر على مصداقية البحث العلمي وجودته فحسب، بل يساهم أيضا في إضعاف الثقة بين الطالب والأستاذ المشرف. كما يؤثر على سمعة المؤسسة التعليمية ويقلل من فعالية المناهج البحثية. وقال إن التشريعات في مكافحة الانتحال تعود إلى سنة 1889 وهي ماتزال سارية المفعول إلى اليوم، حيث نصت على فرض عقوبات صارمة ضد من يثبت قيامه بالانتحال أو سرقة أعمال فنية وأدبية، وقد تصل العقوبات إلى السجن لفترات تصل إلى عامين.
// توقيع اتفاقية تعاون لتعزيز ثقافة احترام حقوق الملكية الأدبية والفنيةوتم بالمناسبة توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ومخبر البحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية بالمعهد العالي للموسيقى بتونس. وتهدف هذه الاتفاقية إلى نشر الوعي بحقوق الملكية الأدبية والفنية في مؤسسات التعليم العالي. وتعتبر هذه المبادرة جزءا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تحفيز الجامعات والمؤسسات الأكاديمية التونسية على اعتماد ممارسات تحترم الحقوق الفكرية والملكية الأدبية.وقال المدير العام للمؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة رمزي القرواشي إن وزارتي الشؤون الثقافية والتعليم العالي والبحث العلمي تواصلان جهودهما لتعزيز التعاون بين مؤسسات التعليم العالي، مع التأكيد على أهمية احترام حقوق الملكية الأدبية والفنية في عالم المعرفة والبحث الأكاديمي.
وأكد على أن ظاهرة الانتحال العلمي تعد انتهاكا صارخا لحقوق الملكية الفكرية وتعدّيا على مجهودات الأفراد الذين يمتلكون مصنفات علمية أو أدبية أو فنية. كما أشار إلى أن الانتحال العلمي هو مسألة مرفوضة أخلاقيا وهو أيضا جريمة يعاقب عليها مرتكبها قانونيا.
وتطرّق المدير العام للبحث العلمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي مراد بالأسود، في مداخلته، إلى أخلاقيات البحث العلمي التي تعتبر من الركائز الأساسية التي تؤطر عمل الباحثين وتوجههم نحو تحقيق نتائج علمية موثوقة ومفيدة للمجتمع. وقد أشار إلى مجموعة من المبادئ التي تحكم ممارسات البحث العلمي وتعزز النزاهة العلمية.
وأفاد أن النزاهة العلمية تعدّ أحد المبادئ الجوهرية التي ترتكز عليها الأخلاقيات البحثية، قائلا إن البحث العلمي الصحيح يجب أن يستجيب إلى جملة من الشروط مثل الدقة والأمانة الفكرية والالتزام بالمعايير والقوانين المعمول بها. كما أشار إلى أنواع مختلفة من السلوكيات غير الأخلاقية التي يجب تجنبها في البحث العلمي مثل اختلاق البيانات أو تحريفها فضلا عن السرقة الأدبية (الانتحال) التي اعتبرها من بين أبرز الانتهاكات التي تؤثر على نزاهة البحث وتضر بالمصداقية العلمية وقد تؤدي إلى فقدان الثقة في نتائج الأبحاث العلمية.
وبيّن مراد بالأسود في ختام مداخلته أن تعزيز أخلاقيات البحث العلمي هي مسؤولية جماعية مشتركة بين الباحث والمؤسسات البحثية، داعيا إلى توعية الباحثين بأهمية الالتزام بالممارسات الأخلاقية وتوفير التدريب المستمر لهم. كما شدّد على أن المؤسسات البحثية يتعيّن عليها بدورها تطبيق عقوبات رادعة في حالة الإخلال بهذه المبادئ الأخلاقية.
وتطرّقت أشغال اليوم التحسيسي إلى عدة محاور شملت بالخصوص تعريف الانتحال العلمي وأثره على جودة التعليم والبحث، وأهمية حماية حقوق المؤلف وضمان النزاهة والشفافية في الأبحاث الأكاديمية، بالإضافة إلى أساليب التعامل مع الانتحال العلمي الرقمي واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك أدوات الكشف عن الانتحال العلمي ودور لجان الماجستير والدكتوراه في الحد منه. وتناوب على تقديم هذه المداخلات المديرة العامة للوكالة التونسية للتقويم والاعتماد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي سلمى دمق، والأستاذ الباحث في اختصاص الهندسة الميكانيكية الحبيب سيدهم، والدكتورة في العلوم السياسية مؤهلة لإدارة البحوث في المعهد العالي للموسيقى بتونس سنيا مبارك، والمحامية والدكتورة لمياء بوحديبة وهي باحثة في الموسيقى والعلوم الموسيقية، متخصّصة في القوانين المتعلقة بالثقافة والملكية الفكرية.