حضور الكتاب التونسي في المنابر الإعلامية يكاد يكون باهتا في وسائل الإعلام الخاصّة، ويقتصر هذا الحضور على تغطية التظاهرات الكبرى المتعلّقة بالكتاب إذ لا تتجاوز التغطية حدود الإخبار. أما بالنسبة إلى منابر الإعلام العمومي، فقد حضر الكتاب بنسب متفاوتة في وسائل الإعلام العمومية المسموعة والمرئية والمكتوبة.
هكذا أجمع عدد من الإعلاميين وهم علياء بن نحيلة وهالة التواتي وأحمد الحمروني ورمزي العيّاري في في مداخلاتهم خلال ندوة ثقافية بعنوان « الكتاب بعيون الإعلام »، انتظمت مساء الجمعة بمعرض مدينة تونس للكتاب الملتئم بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة من 23 ديسمبر الحالي إلى 6 جانفي 2018 تحت شعار « تونس مدينة الآداب والكتاب ».
أولى هذه المداخلات، قدّمتها الصحفية بدار الصباح علياء بن نحيلة، وأبرزت من خلالها أن الصفحات الثقافية في وسائل الإعلام خاصّة المكتوبة منها كان يشرف عليها كتّاب وشعراء ونقاد، مضيفة: « منذ أن أُسندت هذه الصفحات الثقافية إلى الصحفيين، بدأت مكانة الكتاب تتقلّص واقتصرت على المقالات الإخبارية واللقاءات مع المبدعين ».
وأضافت علياء بن نحيلة أن وضع المتلقي التونسي للكتاب « لا يشجّع » الإعلاميين على قراءة مئات الصفحات وإعادتها أحيانا لتقديم قراءة تحليلية ونقدية للكتاب. وعابت على بعض المؤلفين عدم الاطلاع على ما يصدر في الصحف، إذ « لا يتفطنون في أغلب الأحيان إلى المقالات التي تُكتب في خصوص كتبهم »، وفق قولها.
ولم تنفِ في مداخلتها، وجود صحفيين يهتمّون بالكتاب ويخصّصون له ركنا في الصحف. وعن تقلّص صدور عناوين الكتب في وسائل الإعلام، تحدّثت علياء بن نحيلة عن توجّه المؤلفين الشبان إلى الميديا الجديدة للكتابة والتعريف بإصداراتهم، ظنا منهم أنهم لم يعودوا بحاجة إلى منبر إعلامي للتعريف بإصداراتهم، وهو ما أفقد الصفحات الثقافية في وسائل الإعلام التقليدية بريقها، وفق توصيفها.
ولاحظت الصحفية بإذاعة تونس الثقافية هالة التواتي، تقلّص عدد البرامج الثقافية المهتمّة بالكتاب، إلى جانب تقليص المساحة الزمنية التي تهتم بالبرامج الثقافية مع تأخير موعد بثها وتناولها بسطحية من خلال الاهتمام بظاهر الكتاب دون مضمونه.
كما عابت اهتمام بعض الصحفيين بمجموعة من « نجوم الكتاب »، وفق تعبيرها، وتغييب الكتابات الجديدة للشبان. وتطرقت هالة التواتي أيضا، ما أسمته بـ « علاقة الصحفي بالكاتب التي تعتمد على المجاملات إن كان المؤلف صديقا ».
واختلفت في الرأي مع الصحفية علياء بن نحيلة بخصوص حضور الكاتب في الميديا الجديدة، إذ أبرزت أن الكاتب التونسي شبه غائب في الميديا الجديدة. وبيّنت أن الكتاب مايزال محافظا على موقعه رغم تقلّص دوره.
وذهب الإعلامي أحمد الحمروني، في مداخلته، إلى القول بأن وسائل الإعلام لم تغيّر أساليبها للتعريف بالكتاب، معتبرا أن عرض الكتب في وسائل الإعلام « قد تقهقر ». وأشار إلى أن وسائل الإعلام التقليدية قد خسرت ملاحق ثقافية كانت فرصة للتعريف بالإصدارات. ودعا إلى تنظيم استشارة وطنية حول الكتاب، تشارك فيها جميع الأطراف المتدخلة من إعلاميين ونقاد ومؤلفين وناشرين للخروج بتوصيات عملية ترتقي بالكتاب.
وحثّ الصحفي رمزي العياري في مداخلته، وسائل الإعلام على الاهتمام بالبرامج المخصّصة للشأن الثقافي وبثّها في أوقات ذروة المشاهدة لا في أوقات متأخرة من الليل. كما أوصى بإحداث أعمدة قارّة في الصحف يكتبها مؤلفون.