أجمع المتدخّلون في إفتتاح أشغال المؤتمر الثالث للإعلام العربي « الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي -الفرص والرهانات »، على أنّ الذكاء الإصطناعي أصبح جزءا أساسيا من البنية الأساسية للمؤسسات الإعلامية، ويحتل مكانة هامة في المشهد الإعلامي، ممّا يستوجب استيعابه وايلاءه الاهتمام اللازم ليكون جزءا من الصناعة الإعلامية، دون أن يؤدي ذلك الى تهديد الموارد البشرية من جهة وقيم الإعلام الثابتة من جهة أخرى.
كما تمّ التأكيد خلال هذا المؤتمر، الذي ينظّمه اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس يومي 17 و18 جانفي الجاري، على أنّ الذكاء الاصطناعي اليوم يعتبر من المواضيع البارزة التي تطرح جدلا، حيث أنّ استخدماته تفرض على وسائل الإعلام التكيّف مع التطوّرات المتسارعة والتفاعل مع الابتكارات التكنولوجية، والتأقلم في توظيف الموارد البشرية حتى لا تفقد أدوراها ومواقعها، إضافة الى أخذ الرهانات المتعلقة بحقوق الخصوصية والأمن السيبرني بعين الاعتبار.
وفي هذا الجانب، قال محمد بن فهد الحارثي رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية والرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية، إنّ الذكاء الاصطناعي أصبح يسيطر على اهتمامات الأفراد والمجتمعات، وهو ليس عدوا يتربص بالأشخاص، وإنّما في حاجة إلى الاستيعاب، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي في المجال الاعلامي أصبح يساعد في تحرير المحتوى وتخصيص التجارب وخاصة في تحليل البيانات الضخمة التي بات يتحكم فيها بشكل كبير، ممّا يطرح قضية الخصوصية.
وأبرز ضرورة انتهاز الفرصة لمعرفة كيفية توظيف هذه التكنولوجيا، بتعزيز القيم الأساسية للإعلام المتعلقة بالدقة والأمانة والموضوعية والمسؤولية، باعتبارها من القيم الثابتة دائما التي لا تتأثر بالتكنولوجيا، مبينا أنّ المؤتمر سيكون فرصة لطرح العديد من الأسئلة التي تتعلق بخصوصية الجمهور، وكيفية ضمان دقة ومصداقية الأخبار التي ينتجها الذكاء الإصطناعي مع الحفاظ على البعد الإنساني، إضافة إلى التباحث بشأن التحذيرات التي أطلقها عدّة خبراء كزعزعة استقرار المجتمعات وتهديد البشرية واختفاء بعض الوظائف (40 بالمائة من الوظائف ستختفي وفق تقرير لصندوق النقد الدولي) .
وفي هذا الجانب، شدد على أنّ الذكاء الاصطناعي يعدّ واقعا جديدا يجب التكيّف معه، واستباق المستقبل من خلال سن التشريعات والأنظمة ووسائل الحماية التي تجعل منه عملا ايجابيا في خدمة البشرية، ولا يهدّدها ويهدد المحتوى الإعلامي.
بدورها، أفادت وزير الثقافة حياة قطاط القرمازي، بأنّ الذكاء الإصطناعي أصبح مكوّنا من مكونات ثقافة العصر، يسهّل الحياة ويحقّق السرعة في الوصول إلى المعلومة في المجال الإعلامي، لكنه كذلك سلاحا ذو حدّين لما قد يمثّله من خطر على الإنسان في صورة إساءة استعماله، مضيفة أن المؤتمر يشكّل فرصة لطرح كافة الاشكاليات والتفكير في مجابهة المخاطر ووضع التشريعات اللازمة التي تتيح التعامل مع هذا التطوّر التكنولوجي والمعرفي وتعزيز طرق الاستفادة منه.
أما رئيس قسم تكنولوجيا الإتصال وإتحاد الإذاعات الأوروبية هانس هوفمان، فقد دعا إلى مزيد توحيد الجهود لمواجهة التحدّيات التي تواجه خاصّة الإذاعات والقنوات التلفزية، ملاحظا أنّ استخدام المعطيات والبيانات يدعو إلى التساؤل عن مدى الوثوق بما يقدّمه الذكاء الاصطناعي، والتفكير في وضع الإطار القانوني الذي يمكن من التعاطي مع التحديات وسوء الاستعمالات كالجرائم السيبرنية.
كما أكد أن حقل الذكاء الاصطناعي باعتباره واسع الاستعمالات، فهو يتطلب التعامل معه من جميع الجوانب، بالاضافة الى وضع استراتيجية أفقية لا تتعلق فقط بوسائل الإعلام، وإنما تتخطاه نحو الاشتراك مع الجامعات وتقديم التدريب والتكوين اللازم لمواكبة التطور وتجنب المخاطر والتحديات.
وتمّ إثر الجلسة الإفتتاحية، افتتاح معرض الذكاء الاصطناعي، الذي تشارك فيه شركات دولية مختصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال الإعلام، مثل تحويل النص الصوتي إلى نص مكتوب، وإنتاج المحتوى للمنصات المختلفة ومؤسسات إعلامية عربية وأجنبية لعرض تجاربها في المجال.
يشار إلى أنّ المؤتمر، يتناول بالنقاش عدّة محاور من بينها تطبيقات الذكاء الإصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي، والذكاء الإصطناعي ومهن الإعلام، والجوانب الفنية والتكنولوجية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات والتشريعات المتصلة بالذكاء الاصطناعي.