صدر للكاتب التونسي نصر سامي هذا الأسبوع رواية جديدة تحمل عنوان « العطار » وقد صدرت في عمان عن « الآن ناشرون وموزعون » وسيقع تقديمها يوم السبت 23 فيفري بمعرض مسقط الدولي للكتاب.
هذه الرواية الواردة في 256 صفحة من الحجم المتوسط، هي بحسب تقديم الناشر، « غابة من السرود والحكايات والروايات والقصص التي ترحل بالقارئ بين الأزمان والأمكنة ودهاليز الحياة والنفس البشرية ».
تبدأ الحكاية من نهاية الحكاية التي ينقطع فيها البطل، جمال العطار، عن معاصيه وآثامه وجرائمه للقراءة والعبادة، غير أن ماضيه الذي يطارده لا يمنحه الفرصة للتطهير والتطهر في العزلة التي اختارها.
ويقسم الكاتب الرواية إلى خمسة أقسام، يحمل الأول عنوان « مقدمات أو نهايات، لا فرق أبدا »، ويظهر فيه جمال العطار رجلًا غامضًا، على هيئة ناسك أو متصوف، يهجر ملذات الدنيا، ولكن قدره يطارده بالنساء والثارات القديمة. وجاء القسم الثاني بعنوان « نساء في حياة العطار قبل الرحيل » ويسرد فيه الكاتب علاقات العطار مع نساء من كل الألوان والأطياف، كل واحدة لها قصة، وطعم ومذاق، ولكن نهايتهن تكون واحدة.
أما القسم الثالث الذي جاء تحت عنوان « طين الروايات وأبطالها »، فيختار الكاتب الحديث عن مناخات الكتابة التي تختلط بالنحت والرسم في تصوير الوجوه وبواطن الأبطال وعلاقة الكاتب بهم.
ويسرد الكاتب في القسم الرابع رحلة في عوالم مجهولة ومتناقضة تصل حد الرعب، رحلة ليس مخططا لها بل تقوده في كل مرة قدماه لمصائد وورطات ينجو منها بما أوتي من لعنات.
وفي خواتم الخطايا 2 وهو القسم الأخير، يعيد الكاتب « تدوير » كل الحكاية لحوار مع القارئ، ويسلط الضوء على نهاية العطار، البطل، الذي يعود إلى بلده ويجمع شتات رحلاته وأوراقه لتكون الرواية.
ووفق تقديم « الآن ناشرون وموزعون » يستهل نصر سامي روايته بالنمط الحكائي التراثي الذي يفترض وجود جمهور، ويقول: يا سادة، يا مادة، سأحكي لكم فيما يلي حكاية جمال الدين العطار، وهو أيضا اسم تراثي يضارع أسماء المتصوفة، ويختار المفردات التراثية التي تشبه سرد ألف ليلة وليلة.
وعلى امتداد مختلف الأقسام التي تمثل مشاهد مقطعة يروي الكاتب قصة العطار الذي تمتزج شخصيته بين الصعلكة والصوفية، والنبل والخسّة الذي تقوده أقداره لمغادرة قريته، ثم يعمل سائقا لنقل الممنوعات، وخلال ذلك يرتبط بعدد من النساء.
وخلال عمله هذا ينتقل على مساحات ومفاوز وأدغال في إفريقيا، ويخوض صراعات ويتعرض للخطر، ويمارس الاحتيال والقتل والتعبد والصلاة وأعمال الخير، وكلما أراد أن يخرج من تلك الشباك التي وقع فيها ، يعيده ماضيه إلى المربع الأول.
وتقع أحداث الرواية بين تونس وليبيا والمغرب والصحراء المغربية والسنغال وتشاد والكنغو، وخلال ذلك يتوقف الكاتب عند جغرافية المكان الثقافية أوعادات الناس فيه، وصراعاته لتحصيل لقمة العيش التي يدفعون ثمنها بأجسادهم ودمهم، ويعرض خلال ذلك الصراعات التي يدفع ثمنها الناس البسطاء.
أما زمانيا فتتناول الرواية العقود الثلاث الماضية التي نمت فيها ظاهرة العولمة وبرزت اقتصادات التهريب وعصاباتها التي تتاجر بكل شئ، بكل ما يحتاجه الإنسان، وحتى البشر، وتحكمها علاقات الرشاوى والعنف والدجل، وظهور الدين كغطاء لممارسات تلك العصابات.
وفي تلك الحقبة الممتدة زمانا ومكانا شاسعين، يلجأ الراوي إلى توليد الحكاية التي تشبه حكايات ألف ليلة وليلة في أسفارها وقطعها المفازات ودهشة وصفها للمجتمعات، وعرضها للحياة الشهوانية ولذاتها، وتنوعها بين البذخ والفقر والرفاه والمعاناة.
ويختم الكاتب روايته قائلا : « الآن، وقد أكملت الرواية أتساءل أنا الكاتب نصر سامي، هل هذه الرواية رواية حقا، وبطلها جمال الدين العطار، هل هو بطلها حقا..، وهذا الكتاب لا يجب أن يقرأ باعتباره رواية تقليدية ، وليس بالقطع رواية تجريبية، بل هو نوع من السرد الروائي التأملي الذي يشترك الكاتب والقارئ في كتابته وإعادة ترتيبه ».
جدير بالذكر أن الكاتب التونسي نصر سامي، حاصل على الدكتوراه في الأدب العربي، وصدرت له ثلاث روايات وتسع مجموعات شعرية، ومسرحية واحدة. وله كتابان في النقد.
وقد ترجمت أعماله ونصوصه إلى عديد اللغات ونال مجموعة من الجوائز، منها جائزة كتارا للرواية العربية عن مخطوطته « الطائر البشري »، وجائزة الشارقة للإبداع عن روايته « حكايات جابر الراعي ».