ثلاثة أنماط مختلفة من الموسيقى الراقية قدّمها يوم أمس الثلاثاء على المسرح الروماني بقرطاج ثلاثة فنانين تونسيين هم لينا بن علي وزياد الزواري ونضال اليحياوي، وذلك ضمن سهرات الدورة الخامسة والخمسين من مهرجان قرطاج الدولي .
وكان الفنان التونسي لطفي بوشناق أول الوافدين على هذا الحفل لتشجيع الفنانين وخاصة منهم لينا بن علي التي غنت معه في عمل سابق بعنوان « شرجي التبسيمة » سنة 2015.
استهلت الفنانة التونسية « لينا بن علي » هذه السهرة الموسيقية المشتركة بمجموعة أغاني باللغة الإنقليزية على غرار أغنية « Whitney Houston -I Have Nothing » .
كما قدمت أغنية حصرية بعنوان « نحلم بيك » من ألبومها الجديد أطلقتها رسميا من مسرح قرطاج ووجهتها لجمهورها العزيز مؤكدة على أنها تحلم دائما بلقاء محبيها.
وصاحب لينا بنعلي ثنائي راقص شاركها لحظات من العرض الموسيقي المهم الذي قالت انه علامة أحست من خلاله أنها نجمة مشيرة إلى أن مشوارها الفني سينطلق من تلك اللحظة على مسرح قرطاج. لكن لم تخف الفنانة التونسية لينا بن علي صدمتها عند اعتلائها المسرح ولقاء جمهور قرطاج الذي كان بأعداد قليلة جدا.
وفي هذا الصدد رجح بعض الحاضرين لهذا العرض أن سبب عزوف الناس عن مثل هذه العروض هو النمط الموسيقي الجديد الذي لا يعرفه التونسيون وانحياز الجمهور الواسع لأغاني « الراب » والأنواع الموسيقية الأخرى المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الجزء الثاني صعد الفنان زياد الزواري عازف الكمنجة ليقدم مشروعه الجديد « الكترو بطايحي » الذي يقوم على اكتشاف إيقاعات جديدة للتراث التونسي. وأدى رفقة العديد من العازفين والمغنين عينة موسيقية من عمل ضخم يعمل عليه منذ سنوات.
ورافق عازف الكمنجة زياد الزواري في مقطع موسيقي قصير ابناه أمين وطارق الزواري، أحدهما يعزف على الكمنجة والأخر يعزف على الغيتار الالكتروني. واستطاع زياد الزواري أن يقدم لغة موسيقية معاصرة تجعل من الايقاعات التونسية مثل « السطمبالي » في خدمة تعدد النظم والإيقاعات.
وفي الجزء الثالث والأخير من السهرة الموسيقية قدم نضال اليحياوي عرض « شاوية » هو رحلة موسيقية تغوص في التراث الموسيقي الحدودي بين تونس والجزائر. وهي تجربة متفردة تمتزج فيها موسيقى سكان جبال الأوراس على آلات « القصبة » و »الزكرة » و »البندير » بالجاز والإلكترونيك.
ورقص الجمهور على إيقاعات القصبة والزكرة في نهاية السهرة واستمتعوا بالعرض الموسيقي الفريد من نوعه.
عرض البارحة على ركح قرطاج كان عرضا مميزا استمتع خلاله من آمن بالموسيقى الراقية في سهرة حضرت فيها أنماط موسيقية رائعة تكشف عن بحث معمق في شتى أنواع الموسيقى، ولم يؤثر قلة عدد الجماهير الحاضرة من قيمة العرض موسيقيا وفنيا بل لعله مثل نقطة انطلاق لبناء علاقة متينة بين هؤلاء الفنانين ونوعية خاصة من الجمهور المحب للفن الراقي.
جدير بالتذكير أن زياد الزواري ولد في تونس عام 1983 في عائلة مولعة بالموسيقى، وبدأ العزف على الكمان في سن مبكرة جدا. وإن كانت ميولات زياد الزواري تتجه أكثر إلى الموسيقى العربية الشرقية، فان ذلك لم يمنعه من التشبع بأنماط موسيقية مختلفة منها موسيقى الجاز والإلكترو والروك.
أما لينا بن علي فهي صوت تونسي مزج بين العذوبة والقوة فرض تواجدها في الساحةالفنية من خلال طابعها الخاص وتميّزها في أداء اللون الغربي. وهي اليوم تسير بخطى ثابتة لتفرض لونها الخاص بعد 17 سنة من الغناء.
ويقدم نضال اليحياوي موسيقى تعبر عما عايشه فقد كان مقيما ببروكسال ورجع سنة 2007 إلى مسقط رأسه، ديرأولاد يحيى بسليانة ليقدم مع مجموعة « برقو 08″ مقطوعات قديمة نادرة عبر إعادة التوزيع ومحاولات المزج مع الموسيقى الإلكترونية في إطار مشروع الموسيقية الشعبية، مختبر موسيقي، يعيد خلق التراث الموسيقي بنفس معاصر.