اعتبر المشاركون في المنتدى الإعلامي التونسي الأندونيسي الذي انتظم اليوم الثلاثاء، بالعاصمة أن صحافة المواطنة يمكن أن تكون وسيلة ورافدا لدعم « الصحافة الكلاسيكية » التي تسعى إلى ترسيخ إسهامها في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي التي تنشده عدة بلدان ومنها تونس وأندونيسيا.
وتطرق الحاضرون إلى كيفية الاستفادة المثلى من هذا « النوع الجديد » من الصحافة الذي يعتمد منصات رقمية ومواقع اجتماعية تيسر انتشار الأحداث حال وقوعها بما « يحرج » الصحافة الكلاسيكية ويفقدها بعضا من بريق جماهريتها بعد أن زاحمت فضاءاتها فضاءات « صحافة الجماهير » كما ذهب إلى ذلك الأستاذ الجامعي والصحفي الرئيس بمؤسسة التلفزة التونسية ناجح الميساوي.
وذكر ناجح الميساوي في معرض حديثه عن تجربة التلفزة التونسية في منافستها « للمد الإعلامي المواطني »، أن الإعلام العمومي تتهدده عدة أخطار إذا لم يغير أساليب عمله وإذا فشل في القدرة على تغطية الأحداث في الوقت المناسب، معتقدا أنه يمكن الاستفادة من « صحافة المواطنة » بحسن التعاطي معها والتثبت من مصداقية أخبارها وهو ما يجعل الإعلام العمومي يقدم « خدمة مواطنية » بعد أن صار أكثر قربا من مشاغل المواطنين واهتمامتهم وربما هواجسهم وأحلامهم.
وفي السياق ذاته قدمت رئيسة قسم الأخبار بتلفزة « مترو » الإخبارية الخاصة بأندونيسيا،جاتي سافتري، دراسة حالة عن صحافة الموطنة في بلدها مؤكدة أنها تنامت بشكل لافت منذ سنة 2012. وقالت « استفدنا من هذا النوع من الصحافة إذ تمكنا من تغطية العديد من الأحداث بفضل مواطنين بشكل مباشر لكن في المقابل نحن لا نمرر مقاطع الفيديو إلا بعد التثبت من مدى صدقيتها ».
وفي مداخلتها بينت مديرة العلاقات الخارجية بوكالة تونس إفريقيا للأنباء، منى مطيبع، أنه في ظل تنامي صحافة المواطنة في تونس لاسيما بعد ثورة جانفي 2011 والتي أضحت تنافس العمل الصحفي الوكالاتي لاسيما على مستوى سرعة النشر نحت الوكالة إلى التعاطي مع المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل الناجع مع الأحداث وتقديم أخبار لكل المواطنين في الوقت المناسب.
ودعا رئيس التحرير بالموسسة الإعلامية الأندونيسية « كومباس » (بوصلة) ترياس كونشاهيو إلى ضرورة التدقيق في مسألة حرية التعبير قائلا « إن هذه الحرية تحولت في عديد من المواقع الالكترونية إلى هستيريا قد تقوض أي بناء ديمقراطي بأي بلد »
وأضاف كونشاهيو إن عدة مواقع تمرر خطابات كراهية وتمييز عرقي وطائفي ولا يمكن اعتبار هذه المواقع فضاءات حرية تعبير لأنها لاتسعى إلى خدمة القيم المثلى للإنسانية ولا إلى بناء مجتمع عدل يتعايش فيه الجميع رغم اختلافاتهم.
واتفق المشاركون على أنه يمكن الاستفادة من كل منصات صحافة المواطنة « رغم انزلاقاتها » للتأسيس لإعلام يخدم كل القضايا الإنسانية ويكون أكثر قربا من المواطن.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحوار الثنائي نظمته وزارة الشؤون الخارجية الأندونيسية وهو يندرج في إطار مؤتمر بالي للديمقراطية.
وقال مدير الديبلوماسية العامة بسفارة أندونيسيا آل بوسيرا باسنور إن مثل هذا الحوار نظمه بلده مع عدة بلدان لكنه ينظم لأول مرة في المنطقة المغاربية وهو يسعى إلى التفكير في الحد من استغلال مساحات الإعلام لنشر خطاب الكراهية وتوسيع حضور الخطاب المؤسس لمجتمع عالمي « سلمي ومنسجم ».
واختتم اللقاء الحواري سفير أندونيسيا بتونس إكرار نوزا بهاكتي الذي أكد أن هذا المنتدى سيكون بمثابة فاتحة تعاون « مكثف » بين المؤسسات الإعلامية الأندونيسية والتونسية سواء على مستوى تبادل الزيارات والأخبار أو إنجاز مشاريع إعلامية مشتركة.