استضافت الدورة الـ 40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب كلاً من الروائي والأكاديمي التونسي الدكتور شكري المبخوت، والدكتور حسن النعمي، أستاذ الأدب في جامعة الملك عبد العزيز، في جلسة حوارية بعنوان « علم وأدب »، تحدثا خلالها حول حجم حضور العلم في النصوص الأدبية، وإمكانية توظيف الأدب في خدمة العلم، والفروق المعرفية والجمالية بينهما.
واستهلّ الدكتور حسن النعمي حديثه، خلال الجلسة التي أدارها الكاتب محمد أبو عرب، بالتأكيد على أن لكل من العلم والأدب حقائقه التي تحكم العلاقة بينهما، إلى جانب جسورٍ ممتدة قد تخلق حالة اندماج تلقائيّ، لافتاً إلى أن الشواهد في هذا الإطار لا يمكن حصرها، مستدركاً في الوقت ذاته وجود حالة من التباين، تفسّرها موضوعية العلم، القائم على التجربة والبرهان، في مقابل عاطفية الأدب ومشاعره الإنسانية، وسعيه إلى تخليد الأفكار عبر الجماليات التي تميّز الأدب.
وأشار إلى أنه في المجمل يمكن للعلم أن يغوص في أعماق الأدب، وهو ما قد يفتقده الأدب، فالكثير من العلماء خاضوا غمار الحقول الأدبية، ولكن لم نسمع يوماً بأديب بات عالماً، وقال: « الزمن له علاقة وطيدة بالعلم والأدب؛ فالعلم لا يرجع إلى الوراء، فهو مستقبليّ الوجهة، بينما يمكن للأدب أن يتقمص مختلف الأزمنة، فهو (ثلاثي الأبعاد)، يحضر في الماضي والحاضر والمستقبل، وتعتبر الرواية والقصة دليلاً على ذلك ».
بدوره يرى الدكتور شكري مبخوت أنّ التفاعل بين العلم والأدب يعدّ حديث العهد، سواءً أكان ذلك في الشرق أم في الغرب، مؤكداً أن العلم مفهوم يتضمن بين ثناياه الأدب. وقال: « إن إشكالية العلم والأدب من وجهة نظري كرّستها المناهج التعليمية، عبر الحديث عن توجهٍ علميّ وآخر أدبيّ، وإنّ العلاقة بين العلم والأدب « أحادية »، مسارها من العلم نحو الأدب، على الرغم من بروز انتاج أدبيّ تحت مسمى « الخيال العلمي »، ومع ذلك فلا يوجد تقسيمٌ مطلق للعلاقة بينهما، فالعقل المنتج للعلم هو ذات العقل المنتج للأدب ».
وأضاف مبخوت: « إن محاكاة العلماء للدماغ البشري، ما زالت قيد المجهول؛ وذلك على الرغم من كل الإنجازات التي تحققت، أمّا في مجال الأدب، فإن الأديب لا ينطلق من معارف وتوجهات علمية، بل يبادر استناداً لخبراته القرائية ».
وتابع مبخوت: « لا بد من الإشارة إلى ضرورة استنباط القواعد المرتبطة بالجنس الأدبي، من خلال فعل القراءة بطريقة غير مباشرة، فإذا كانت الآلة تعمل وفقاً لمراحل صريحة ومتراتبة، ولا تتجاوز مرحلةً على حساب أخرى، فإن العقل البشري يمكنه الانتقال بين المراحل كيفما شاء، وبالتالي مهما كانت فتوحات الآلات عظيمةً، فإن الإنسان بعقله البشري يبقى الأذكى ».