لوحت عائلات المفقودين التونسيين في الهجرة غير النظامية باتجاه السواحل الايطالية اليوم الأربعاء، بالدخول في إضراب جوع بعد عيد الفطر أمام ساحة الحكومة بالقصبة.
وأعلنت هذه العائلات خلال ندوة صحفية احتضنها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن تنظيم اعتصام مفتوح بداية من الأربعاء القادم أمام وزارة الشؤون الخارجية تحت شعار « ماناش ساكتين حتى نعرفو أولادنا فين ».
وعرفت تونس إبان الثورة في 2011 موجة كبيرة من الهجرة غير النظامية للشباب التونسي عبر البحر إلى ايطاليا، لكن عددا هاما منهم أضحى في عداد المفقودين ولم تحصل عائلاتهم عن معلومات بشان مصيرهم.
ووفق إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يبلغ عدد المفقودين التونسيين حوالي 503 شخصا، موثقين لدى السلطات الرسمية لكن المنتدى يرجح أن يكون العدد في حدود 1500 حالة.
وانتقد آباء وأمهات عدد من عائلات المفقودين منذ 2010 و خاصة خلال أحداث الثورة في 2011 بانفعال وغضب شديدين تعاطي الحكومات المتعاقبة بعد الثورة مع الملف الذي ظل وفق رأيهم يراوح مكانه.
وأكدت منيرة بن حسين وهي أم لأحد المفقودين ورئيسة جمعية « المصير » أن كل عائلات المفقودين في الهجرة غير النظامية فقدت الثقة في السلطات وان هناك مساع لقبر الملف مستدلة في ذلك على عدم تفاعل الجهات المعنية في الملف وعدم تسجيل تقدم.
وتابعت قائلة « لم نجن من الملف سواء الوعود الزائفة من المسؤولين والمماطلة، زد على ذلك لامبالاتهم إلى درجة طردنا من أمام وزارة الشؤون الخارجية في كل مرة سعينا إلى الاتصال بالمسؤولين من اجل معرفة التطورات بشان الملف ».
وعما إذا كانت هناك أدلة وإثباتات بان عددا من المفقودين كانوا على قيد الحياة عند وصولهم إلى ايطاليا أجمعت جل العائلات على أن لديهم تسجيلات فيديو من إحدى القنوات التلفزية الايطالية الخاصة أظهرت تصريحات لعدد من المفقودين علاوة على حصول اتصالات هاتفية متكررة معهم.
ولم تخل الندوة الصحفية من تكرر اتهام عائلات المفقودين للسلطات الرسمية التونسية بالتقصير في التعاطي مع الملف وغياب الرغبة والجدية في حلحلة الملف الذي تحول إلى كابوس بالنسبة إليهم.
وقالوا « إنهم راضون بقضاء الله إن كان أبناؤهم قد ماتوا ولكنهم يريدون الحصول على رفاتهم لدفنهم في تونس لتطمئن قلوبهم وتقبل العزاء فيهم ».
ويعتبر فرحاني بن حليمة أب لنضال البالغ من العمر 25 سنة والمفقود منذ سبتمبر 2012، أن ملف المفقودين خضع إلى المزايدات السياسية خاصة من الأحزاب التي سعت إلى اعتماد الملف كورقة انتخابية لكن جل الأحزاب أخلفت وعودها.
واستغرب رئيس المنتدى التونسي للحقوق والاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي صمت السلطات الحالية عن هذا الملف بدليل عدم خروج أي مسؤول في لقاء إعلامي لتوضيح نتائج أعمال اللجنة المكلفة بمتابعة ملف التونسيين المفقودين من جراء الهجرة غير الشرعية التي تم تكوينها في جوان 2015 للرأي العام.
ولفت قائلا « المنتدى التونسي للحقوق والاقتصادية والاجتماعية على قناعة تامة بان الحكومة الحالية أضحت تراهن على تلاشي الملف وطمس كل الحقائق ».
وبين انه كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة عند تفاوضها مع الاتحاد الأوروبي في العديد من الملفات، لم تطرح ملف المفقودين لأجل اتخاذ الإجراءات الملائمة.
ويعتقد عضو الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة المكلفة بمتابعة ملف التونسيين المفقودين الصادق بن حاج حسين انه خلال أعمال اللجنة وزيارتها إلى ايطاليا طالب الطرف الايطالي السلطات التونسية بإرسال المعلومات التي بحوزتهم لكي تقع مطابقتها مع المعلومات المتوفرة لديهم.
غير ان السلطات التونسية لم تستجب للطلب الايطالي حسب قوله، مضيفا أن الإيطاليين مازالوا ينتظرون الحصول على المعلومات إلى الآن.