من أمام لوحة فسيفساء سوسة التي تصور أسطورة النصر لنبتون وعلى أنغام معزوفات موسيقية من مختلف بلدان ضحايا حادثة باردو الاليمة عزف الاوركستر السمفوني التونسي بقيادة حافظ مقني بعد ظهر اليوم بالمتحف الوطني بباردو للحاضرين ولكل بلدان العالم التي نقل مراسلوها حدث اعادة فتح المتحف في رسالة مفادها أن على هذه الارض ما يستحق الحياة .
واختار العازف الموسيقي بسام مقني أن يقدم للحاضرين معزوفة باردو على الة البيانو وهي معزوفة موسيقية كان قدمها منذ 125 سنة المؤلف الموسيقي الفرنسي هنرى بوبال لباي تونس انذاك علي باي الذي تولى الحكم من 1882 الى 1902
معزوفة باردو أهداها الموسيقي الفرنسي بوبال لعلي باي عام 1890 أى بعد سنتين من تدشين المتحف باعتباره كان وراء تأسيس المتحف العلوى الذى أصبح يسمى بعد الاستقلال متحف باردو فهي شاهدة على عراقة هذا المتحف وتاريخ تونس الضارب في القدم.
اعادة فتح المتحف بعد أسبوع من الهجوم الارهابي الذى أسفر عن مقتل 23 شخصا جلهم من السياح حضرته عديد الشخصيات الوطنية من نواب الشعب وممثلي الاحزاب السياسية ورجال أعمال وفنانين تشكيليين وممثلين ومطربين وغيرهم من مختلف المجالات الفنية والثقافية ومن مختلف الأجيال.
كما حضره بالخصوص محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب ولطيفة الاخضر وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث وحسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من السفراء المعتمدين بتونس.
الرسالة الاساسية التي أراد الجميع تمريرها من خلال المشاركة في هذا الحفل الذي انطلق بالنشيد الوطني التونسي وبلوحات راقصة لبراعم وشبان تحت اشراف الفنانة سهام بلخوجة هو أن الثقافة متواصلة وأننا لا نخاف من الارهاب وفق ما أكدته لطيفة الاخضر .
واعتبر الممثل فتحي الهداوي أن اعادة فتح المتحف في ظرف وجيز هو دليل على الرغبة الشديدة في الحياة وفي المحبة مستدلا على ذلك بالحضور المكثف للتونسيين والأجانب ممن جاؤوا ليعبروا عن تضامنهم مع ضحايا الهجوم الارهابي ومع تونس ضد الظلامية والإرهاب
وأكد أن الفعل الفني والثقافي هو فعل ثورى مناهض للتطرف والإرهاب مشددا على ضرورة تكثيف الانشطة الفنية والثقافية في جميع مناطق الجمهورية حتى تكون سدا منيعا ضد هذه الافات .
وبين سمير الشفي الامين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح لوات أن قوة الحياة التي نستمدها من ارادة الحياة على حد قول الشاعر ابو القاسم الشابي تعبر عن اصرار وتصميم الشعب التونسي على مقاومة كل أشكال العنف والإرهاب .
وأضاف أن مسيرة التونسيين نحو تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتآخي لن تتوقف مهما كانت التحديات والصعاب.
ووصف مدير المعهد الفرنسي بتونس باتريك فلو حفل اعادة فتح المتحف باللحظات المليئة بالعواطف والآلام مبينا انها ايضا دليل على الديناميكية والهبة التضامنية مع متحف باردو وتونس عموما مشيرا الى ان المعهد الفرنسي بتونس عازم على مواصلة دعم التعاون التونسي الفرنسي خاصة في المجال الثقافي مذكرا بأن متحف اللوفر بصدد وضع اللمسات الاخيرة ضمن مشروع اعادة تهيئة قاعة قرطاج بمتحف باردو لإظهار جمال هذا التراث .
وشددت الفنانة سنية مبارك على أن نجاح تونس في مقاومة الارهاب لن يتم الا بمثل هذه الحركات التضامنية مضيفة انه من الضرورى اليوم لا فقط وضع استراتيجية وطنية على المستويين السياسي والأمني بل كذلك الثقافي . وأكدت ان المراهنة على الثقافة والتعليم امر حتمي واستعجالي لمقاومة الجهل والتطرف وأعداء الثقافة والقيم الانسانية .
وبين محمد زين العابدين مدير المعهد العالي للموسيقى بتونس أن الوقت حان اليوم للتحرك بطريقة فعالة لإعادة الامور الى نصابها مشيرا الى ضرورة الاعتراف بوجود فراغ على مستوى الحوار حيث غابت الثقافة والفن مقابل طغيان الحوار السياسي على المشهد العام.
ومن جانبها دعت مباركة عواينية البراهمي النائبة في مجلس الشعب الى ضرورة اخذ الاحتياطات الامنية اللازمة مستقبلا والوقوف وقفة حازمة دفاعا عن الوطن حتى لا يتكرر ما حصل في باردو.
وأكدت على ضرورة تحديد المسؤوليات والكشف عمن تسبب في مقتل الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي ومقتل جنود الوطن في الشعانبي وجبل ورغة وغيرها مبينة أن الكشف عن هؤلاء وعمن يقف وراء الهجوم الارهابي على متحف باردو سيحول دون تكرار مثل هذه العمليات الارهابية وان حصلت فستكون معزولة وفق تقديرها.
الاحتفالات بإعادة فتح متحف باردو انطلقت منذ الصباح بمسيرة نظمتها هيئة المرشدين السياحيين المحترفين وتم خلالها رفع العلم التونسي الى جانب أعلام الجزائر وفرنسا وايطاليا وألمانيا والبرتغال واسبانيا واليابان وكولومبيا وبلجيكا وسويسرا واستراليا كما وضع المشاركون أكاليل من الزهور ترحما على أرواح الضحايا.
هذه المسيرة التضامنية التي انطلقت من أمام وزارة السياحة وصولا الى باردو وشارك فيها المرشدون السياحيون التونسيون الى جانب ألاف المواطنين والسياح حملت شعار تونس لم تنته…ولا متحف باردو كذلك .