اعتبر هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري « الهايكا »، في مداخلته خلال ندوة نظمتها الهيئة اليوم الثلاثاء، تحت عنوان « المشهد الإعلامي السمعي والبصري في تونس: مؤشرات ودلالات »، أن مشروع قانون هيئة الاتصال السمعي البصري الدستورية الذي تقدمت به الحكومة، يتضمن تراجعا عن الاستقلالية وعن مفهوم الإعلام العمومي، والعودة الى به الى دائرة الاعلام الحكومي.
وأشار السنوسيّ، إلى وجود مراكز ضغط تمارس على الهايكا شبيهة بتلك الضغوطات التي مورست سابقا على الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال، التي تأسست في مارس 2011 وأنهت أعمالها في جويلية 2012، مؤكدا أن الهايكا هي الأكثر دفاعا عن صلاحيتها وعن المشهد السمعي والبصري في تونس، وعن استقلالية هيئة الاتصال السمعي البصري الدستورية.
وأضاف أن هناك تقاطعات هامة وكبيرة بين هاتين الهيئتين، فالمشهد السمعي والبصري في تونس خلال فترة الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال واليوم زمن عمل « الهايكا » مركّب وتتداخل فيه عديد المصالح.
ولاحظ أن السلطة التنفيذية والأحزاب لم تعلن عن رؤيتها حيال الإعلام في تونس، بل إن مجمل مشاريع القوانين التي قدمت في الغرض تكشف عن هذه الرؤية المتمثلة في التراجع عن مكسب المرسوم عدد 116 الصادر في 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وأيضا عن المرسوم عدد 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر الصادر في نفس السنة.
وبخصوص المؤشرات المتعلقة بالمؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية، صرح السنوسي بأن غالبية هذه المؤسسات جردت صحفييها من كل خصوصيات العمل الصحفي، ليصبحوا « صحفيين منفذين » في وقت أصبحت فيه اغلب هذه المؤسسات الإعلامية مجرد شركات لجني الارباح والتدخل في الحياة السياسية وتوظيف الجانب الديني، وفق تقديره.
وذكر في هذا الصدد، بالقرارات الصادرة عن مجلس الهيئة منذ سنة 2013 ، والتي قال إن عددها بلغ 110 قرارات منها 37 قرارا تعلقت بمسائل البث (إذاعي وتلفزي) و27 قرارا آخر له علاقة بالاستقلالية، في حين شملت بقية القرارات المسائل المتعلقة بانتهاك حقوق الطفل والثلب و الشتم و غيرها.
من جهته، أفاد أمين بن حمدة المسؤول عن وحدة المحاسبة بالهايكا، بأن حجم الاشهار الذي أعلنته وسائل الاعلام السمعي والبصري (51 مؤسسة) استنادا الى الوثائق المحاسبية المقدمة الى الهيئة سنة 2017 قدر بحوالي 100 مليون دينار توزعت بين 80 مليون دينار للمحطات التلفزية (11 مؤسسة) و 20 مليون دينار للإذاعات (40 مؤسسة)، مضيفا أن بعض الاذاعات أعلنت في تقاريرها المحاسبية والتي تلقت « الهايكا » نسخا منها، عن ارقام معاملات أعلى من تلك التي سجلتها بعض القنوات التلفزية.
وأوضح أيضا أن نحو 90 في المائة من مؤسسات القطاع السمعي والبصري التي تأسست بعد سنة 2011 ، سجلت خسارات مالية منذ انشائها، مشيرا الى ان حوالي 40 في المائة من هذه الشركات فاقت خسارتها السنوية 1 مليون دينار، في وقت لم يجد فيه مراقبو حسابات هذه المؤسسات الوثائق المحاسبية المثبتة لمصدر « الأموال الطائلة » التي تم ضخها سنويا من قبل الشركاء المؤسسين لهذه الشركات، في حين تعلل البنك المركزي التونسي بالحفاظ على السر البنكي عندما راسلته (الهايكا) في هذا الصدد.
وتم خلال الندوة كذلك، تقديم مداخلة حول 3 تقارير أعدتها وحدة الرصد التابعة « للهايكا » خلال سنة 2018 ، وتعلقت بنتائج تقارير التناول الإعلامي لثلاثة مواضيع هي تباعا التحوير الوزاري الأخير ومشروع قانون المالية لسنة 2019 وموضوع العدالة الانتقالية.
أما نائبة رئيس « الهايكا » آسيا العبيدي، فقد اعتبرت في مداخلتها حول « ملكية المؤسسات الاعلامية السمعية والبصرية »، ان الاشكالية ليست متعلقة بملكية هذه المؤسسات بل بتمويلها، ملاحظة ان الاحالات في الأسهم في الشركات الحاصلة على اجازات استغلال من « الهايكا » ، تمت وفق القوانين وبين شركاء هذه الشركات.
وأبرزت ضرورة الحسم في الوضعية القانونية الحالية للمؤسسات الاعلامية المصادرة، مشيرة الى وجود اشكالية أخرى تتمثل في عضوية بعض الاشخاص في أحزاب سياسية وملكية بعض وسائل الاعلام السمعي والبصري، وقالت في هذا الصدد « هناك مؤشرات غير مطمئنة « .
وقد حضر الندوة ممثلون عن مؤسسات إعلامية ومنظمات المجتمع المدني ونقابات، الى جامعيين وباحثين وإعلاميين ومسؤولين عن مؤسسات تعنى بالبث وبحقوق المؤلفين.
ومن المنتظر ان تبحث الندوة خلال جلسة ثانية، تحديات وآفاق المشهد السمعي والبصري في تونس، من خلال تقديم أربع مداخلات تهم علاقة الصحفي بمؤسسته الاعلامية والوضعيات المهنية والاجتماعية للعاملين في القطاع، ودور ومستلزمات الاعلام العمومي، ودور الاعلام السمعي والبصري الخاص في الانتخابات المقبلة.