قال وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي أن الوزارة تعمل في انسجام مع كافة الوزارات والمتدخلين « حتى تكون السياسة الخارجية متناغمة عبر خيارات نريدها أن تكون ناجعة وناجزة عنوانها السيادة الوطنية وتحقق المصالح المشتركة والعناية الفضلى بالتونسيين بالخارج ».
وقال في رده مساء اليوم السبت على استفسارات أعضاء مجلس النواب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، بقصر باردو في إطار مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2025، « إن الوزارة تعتمد على 60 سفارة موزعة على كافة أنحاء العالم، 18 منها في العالم العربي و22 في أوروبا 7 في آسيا و5 في أمريكا و10 في إفريقيا جنوب الصحراء،موزعة على 48 دولة، إلى جانب القنصليات العامة والقنصليات البالغ عددها 23 « .
وأقر النفطي أن هذا الانتشار لا يفي بالحاجة ولا يمكن أن يحقق الأهداف المرجوة من السياسة الخارجية، معقبا بقوله « نحن حريصون على توسيع تمثيلنا الدبلوماسي متى توفرت الظروف الملائمة لذلك في ظل الإمكانيات المتاحة ».
وأضاف في هذا الصدد « نحن نقدر الضغوطات على المالية العمومية ونحرص على ترشيد النفقات والالتزام بالمبادئ المثلى لحوكمة التصرف الدبلوماسي والقنصلي، لكن هذا لا يمنع من أن نكثف من جهودنا لإنجاح تحركاتنا على مختلف الأصعدة ومختلف الفضاءات التي تنتمي إليها تونس مع الحرص على توسيع هذه الفضاءات والتعمق في بعضها ، مغاربيا وعربيا وإفريقيا وأوربيا ،وفي ربوع أمريكا وآسيا ،وعلى الصعيد المتعدد الأطراف ».
وبين أن هذا التعدد يجب أن يكون منسجما مع البرامج الاقتصادية حتى تحقق القدر الأكبر من الأهداف التي ترسمها الدولة من حيث تعبئة الموارد المالية ،ومساندة الجهد الوطني نحو استقطاب اوسع للاستثمارات وولوج أفضل للأسواق العالمية واكتشاف أسواق أخرى، على غرار الأسواق الإفريقية خاصة بعد النتائج المشجعة على مستوى الولوج لهذه الأسواق، وهو ما يدفع نحو مزيد العمل على تكثيف هذه التحركات التي تنضوي تحت الدبلوماسية الاقتصادية.
وأكد سعي الدولة، في إطار إعادة الانتشار الدبلوماسي، إلى التواجد أكثر في القارة الإفريقية التي تمثل « عمقنا الاستراتيجي » ،و ذلك وفق الإمكانيات المتاحة، مفيدا انه سيتم خلال السنتين القادمتين تعزيز التمثيل الدبلوماسي التونسي في افريقيا الوسطى وبعض الأماكن الأخرى.
كما لفت الى العمل على إعادة الانتشار القنصلي في اوروبا، خاصة بعد فتح قنصلية في مونبيليي وفتح قسم قنصلي في نيويورك مع الحرص على فتح قنصلية أو الترفيع في مستوى القنصلية الموجودة في مونريال كندا حتى تصبح قنصلية عامة و قنصلية أخرى في الكيباك.
وأضاف أن الوزارة تعمل جنبا إلى جنب مع الوزارات المعنية بالدبلوماسية الاقتصادية من اجل تكثيف التظاهرات التي تروج لتونس وتعرف بها بطرق مستحدثة ،بما يمكن من استقطاب أفضل لفرص استثمار تتناسب مع البرامج والخطط التنموية التونسية
وأقر بوجود بعض الإشكاليات التي تعيق عمل السفارات في ما يتصل ببعض الموارد ،إلا أن الوزارة تحاول تعويض ذلك بجهد إضافي ،على غرار تنظيم تظاهرات تسوق لتونس في إطار منظومة كاملة وتمثيليات تعمل من أجل هذه الأهداف.
وقال « نحن نحاول أن ننتشر في العديد من الأماكن في العالم ،ورسمنا خطة تعمق حضورنا ووجودنا في إفريقيا وتعمق شراكتنا مع الأشقاء في البلدان العربية نحو إقامة مشاريع استثمارية متنوعة ،وفتحنا المجال واسعا لشراكات في آسيا وخاصة في الصين واليابان وكوريا الجنوبية ،ونحرص أيضا على توسيع دائرة اهتمامنا في هذه القارة وكذلك في بقية بلدان العالم مثل الولايات المتحدة الامريكية التي تربطنا بها علاقات عميقة ونعتبرها هامة جدا بالنسبة لاقتصادنا وكذلك للدبلوماسية القنصلية باعتبار اهتمامنا بجاليتنا في هذه الربوع ».
كما لفت بخصوص العلاقات مع القارة الإفريقية، إلى أن هناك شراكات جديدة حرصت تونس على أن تكون طرفا فيها مثل الشراكة الصينية الإفريقية ،والشراكة الصينية العربية ،والصينية الروسية ،والإفريقية مع كوريا الجنوبية ،ومع اليابان في إطار التيكاد (ندوة طوكيو الدولية للاستثمار في إفريقيا) التي احتضنت تونس دورتها السابقة، معتبرا أن هذه الشراكات ستكون مفيدة للاقتصاد الوطني.
وبين أنه إضافة إلى العمل على المستوى الثنائي، هناك جهود على مستوى الأمم المتحدة من خلال بيان موقف تونس في نصرة القضايا العادلة ،وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فضلا عن المطالبة بإرساء مقاربات جديدة في إدارة الشأن العالمي أمنيا واقتصاديا وثقافيا وفي شأن تغير المناخ .
وفي جانب آخر من رده ،تحدث محمد علي النفطي عن الأكاديمية الدبلوماسية التي انطلقت منذ أشهر في نشاطها الفعلي وقدمت دورات تدريبية لفائدة 50 شابا وشابة من كتبة الشؤون الخارجية وتواصلت مهامها في إطار تكوين دفعة ثانية ،كما وضعت اتفاقات ومذكرات تفاهم مع بلدان شقيقة وصديقة للتأسيس لشراكة معها ستنطلق في غضون السنة المقبلة لفائدة دبلوماسيين من القارة الإفريقية.
وأكد الحرص على إضفاء الحركية على هذا المولود الدبلوماسي الجديد الذي يتطلع لأن يكون وسيلة للتعريف بتونس وبدبلوماسيتها، معلنا عن صدور بعض القوانين قريبا ،والتي ستمكن من إعطاء التصنيف المناسب لهذه الأكاديمية.
وبالنسبة للتمثيل الدبلوماسي النسائي فقد أفاد الوزير أنه يقدر بنسبة 30 بالمائة ، معتبرا ذلك نسبة مطمئنة .
وتحدث أيضا عن اتفاقات الضمان الاجتماعي مع عدد من الدول الأوروبية، والتي أكد حرص الوزارة على توسيعها ومراجعتها على أساس لا يمس بالامتيازات التي تحصل عليها التونسيون في السابق .
كما تطرق إلى موضوع منظومة القنصلية الالكترونية التي انطلقت بصفة تدريجية في انتظار تعميمها، مؤكدا الحرص على تركيز منظومة الجنسية الرقمية ،ورقمنة منظومة الحالة المدنية بطريقة سريعة.
وقال في هذا الإطار « هناك نوع من الثورة الالكترونية على المستوى القنصلي التي قد طال أمدها ،ونحن نعمل على أن تكون الرقمنة عنوان السنة المقبلة حتى يكون المواطن التونسي في أوروبا وخارجها على وعي بهذا التطور، وكذلك بالنسبة لمكتب المصادقة على الوثائق بخصوص الدول غير المنضوية تحت اتفاقية لاهاي ونحن نعمل على تحديد مواعيد الكترونية تقي التونسيين مشقة التحول لتونس »