أكد وزير الدّاخلية كمال الفقي، أن الهجرة غير النظامية تعد ظاهرة « غير انسانية » تتطلب من الجميع ضبط مقاربة واقعية شاملة ومتعددة الأبعاد، تقوم بالأساس على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، بما يضمن استقرار شعوب المنطقة وازدهارها ويحافظ على مصلحتها.
وأضاف الوزير، في كلمة ألقاها اليوم الجمعة، في أشغال الندوة الوزارية لاحياء الذكرى 20 لدُخول إتفاقيّة الأمم المتّحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنيّة حيّز التنفيذ، المنعقدة اليوم الجمعة بمدينة بالرمو الايطالية، أن معالجة ملف الهجرة غير النظامية تقتضي ارساء مقاربة شاملة تضمن التنمية لدول المنشأ عبر دعم اقتصادياتها وخلق فرص عمل للشباب ومحاربة عصابات الاتجار بالبشر.
وشدد، وفق مقطع فيديو نشرته وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية، على أن الحل لا يمكن أن يكون إلا انسانيا وجماعيا، مثلما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال مشاركته في جويلية 2023 بروما في أشغال المؤتمر الدولي حول الهجرة والتنمية.
ولاحظ أن الندوة تنعقد في وضع اقليمي ودولي متوتر، تواجه فيه دول المنطقة تحديات أمنية وتنموية وطبيعية جسيمة ومتعددة، مؤكدا أنها مناسبة لتبادل الرؤى والبلورة المواقف إزاء القضايا والملفات المطروحة، وبحث السبل والآليات الكفيلة بمكافحة مختلف أنواع الجرائم المنظمة العابرة للحدود، لما لها من تأثير على المجتمع الدولي بأسره.
واعتبر أن من أبرز هذه الجرائم ملف الهجرة غير النظامية، لارتباطها الوثيق بجريمتي الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، التي أصبحت تديرها شبكات دولية متخصصة، فضلا عن تقاطعها مع جرائم أخرى على غرار الارهاب وتهريب المخدرات وتجارة الأسلحة وخاصة تبييض الأموال وغيرها من الجرائم.
وأكد الفقي، حرص تونس في اطار التزامها بتنفيذ بنود الاتفاقية الأممية منذ المصادقة عليها في 23 سبتمبر 2002 ،على ملاءمة تشريعاتها الوطنية ذات العلاقة بمكافحة الاتجار بالأشخاص مع المعايير الدولية المعتمدة ومبادئ حقوق الإنسان، من ذلك سن قانون أساسي يتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته سنة 2016 ، واحداث هيئة وطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.
كما جدد التأكيد على أن الدولة التونسية تتعامل مع ملف المهاجرين بموجب القانون التونسي ووفق ما تقتضيه المعاهدات الدولية والقيم الأخلاقية أساسا، رغم المغالطات والشائعات حول التعاطي مع هذا الملف، مشيرا إلى أن الحملات المغرضة تقف وراءها أطراف تسعى إلى تأجيج الوضع، والتغطية على الجهود التي تبذلها الدولة التونسية في تأمين الحماية والإحاطة والرعاية للمهاجرين غير النظاميين الموجودين على التراب الوطني.
وذكّر في هذا الخصوص، بتصنيف تونس من قبل المكتب الأمريكي لمراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر، ضمن الصنف الثاني على سلم الترتيب العالمي للبلدان في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص سنة 2022، معبرا عن تقديره للدعم الفني لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقي، في صياغة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2018- 2023.
كما أشاد بمستوى التعاون والشراكة المتميزين بين تونس والمكتب الأممي، من خلال توفير العديد من المشاريع والبرامج التي تندرج في مجال مكافحة الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها لاسيما العابرة للحدود.
واستعرض الوزير بعض الاحصائيات التي تترجم المجهودات المبذولة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية في تونس، باعتباره بلدا وسيطا بين إفريقيا وأوروبا، حيث تشير آخر الاحصائيات المسجلة في الفترة الممتدة من شهر جانفي إلى 18 سبتمبر 2023، إلى أن العدد الجملي لمحاولي اجتياز الحدود نحو الفضاء الأوروبي بلغ حوالي 72516 شخصا منهم 58057 أجنبيا أي بنسبة تناهز 80 بالمائة.
وصرح بأن عدد المجتازين الذين تم انقاذهم بلغ حوالي 19033 شخصا، منهم 17865 أجنبيا في ما بلغ عدد الوسطاء ومنظمي الهجرة الذين تم ضبطهم 909 شخصا كما تم حجز 824 زورقا.
وأضاف أن عدد العمليات التي تم احباطها بلغ 5609 عملية، وتم تسجيل تعرض 488 مركبا للغرق في نفس الفترة، وانتشال 1290 جثة منها 1239 جثة أجنبي.
تجدر الاشارة، الى ان وزير الدّاخلية كان أجرى قبل ذلك لقاءين مع كل من نظيره الايطالي ماتيو بيانتدوزي ورئيس ديوان رئيسة الوزراء الإيطالية ألفريدو مانتوفانو، تم خلالهما التباحث بشأن ملف الهجرة غير النظامية.