قدمت الفنانة التونسية منية البجاوي مساء الثلاثاء بقاعة الفن الرابع بالعاصمة العرض الأول لعملها الجديد « مملكة الحب »، وهو من إخراج الفنان المسرحي الطاهر عيسى بن العربي، وقد أثثه حوالي 50 عنصرا بين موسيقيين ومسرحيين وراقصين.
المجموعة الموسيقية على الركح، والممثلون، مع بداية العرض، كانوا موزعين في أرجاء القاعة ويرتدون أزياء مختلفة، كل زي منها هو صورة للمواطن التونسي: العامل البسيط والموظف وعون الأمن والطالب والمثقف والسياسي وغيرهم. يحمل كل ممثل حقيبة على الظهر ليبدو كأنه على سفر، ليحل على الركح أخيرا وتفتح الحقائب ويخرج ما بداخلها من أسرار. ويروي للجمهور قصصا عن الحب بأسلوب هزلي ساخر هو « الكوميديا السوداء ».
اختزل العمل « الحب » في موضوع « الجنسانية » بمفهومها واشكالياتها ومفارقاتها، وتم التعبير عنها في مشاهد مسرحية راقصة في وضعيات درامية مختلفة، تروي فيها شخصيات العمل آراءها حول ماهية الحب، وكل هذه المواقف تختزل « الحب » في « الجنس »، وهي نظرة ضيقة ومحدودة لهذا المفهوم الشمولي الذي يتجاوز العلاقات الجنسية.
وحمل العرض متابعيه، من خلال المشاهد المسرحية الراقصة، إلى العوالم الداخلية والسرية للمواطن التونسي، فجعل المخرج من هذه العوالم ساخرة ومضحكة في ظاهرها لكنها مؤلمة في باطنها تلخص النظرة المحدودة للحب في العلاقات الجنسية.
وجعل المخرج من المرأة الضحية الأولى للنظرة المحدودة لمفهوم الحب، مقابل تسلط العقلية الذكورية التي تختزل الرجولة في القدرة الجنسية وتختزل نظرة الرجل للمرأة في حدود الجسد والبكارة.
يدافع العمل عن الحريات الجنسية. وينتقد تسلط الدولة (ممثلة في شخصية عون الأمن على الركح) والدين والمجتمع لتقييد هذه الحريات.
واعتمد المخرج نظرية « برشت » في التصور الفني للعمل وفي الرؤية الإخراجية له. فهدم الجدار الرابع أو ما يصطلح تسميته تقنيا بالحاجز الوهمي وهو ذلك الجزء الفاصل بين بين الركح والجمهور. كما جعل فضاء لعب الممثل يتداخل مع فضاء الفرجة، دون قيود أو مكبلات لقواعد المسرح الكلاسيكي.
وراوح العمل بين المسرح والغناء. فأعادت الفنانة منية البجاوي توزيع 23 أغنية من رصيدها الفني بتصور جديد جمع بين الموسيقى الكلاسيكية الشرقية والموسيقى الغربية. وأدت مختارات من باقتها الغنائية ومن الموروث الموسيقي التونسي « أنتم آه يا سادة » و »مشتاقة » و »همس الموج » و »حبيبي في أمان الله سافر » و »في ضوء القميرة » و »بابا بحري » و »يا صالح يا صالح » و »أنا نغني ع الحب » وغيرها.
ولئن جازف المخرج بهذا التصور الفني للعمل الذي جمع فيه بين الموسيقى والمسرح والكوريغرافيا فإن مدة العرض، وهي 3 ساعات، قد بدت مطولة وانعكست على أداء الممثلين بسبب حالة التعب التي بدوا عليها لما شارف العرض على النهاية، مما أدى إلى انخفاض نسق العمل.