تقترح الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي، على جمهورها عرضا لمسرحية « القادمون »، وهو عمل من إخراج سامي النصري وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف الذي يحتفي هذه السنة بالذكرى الخمسين على تأسيس الفرقة الجهوية للمسرح بالكاف.
مسرحية « القادمون » التي تمّ تقديم عرضها الأّول موفى الأسبوع الماضي بمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، هي من أداء المنجي الورفلي وهيفاء الطويهري وناجي الشابي ومحمد السعيدي وزهير عروم ومحمد سليمة وشوقي سالم وسوار عبداوي وسيف الدين شارني. وقد تم اقتباس هذا العمل عن « ديوان الزنج » لعز الدين المدني، وحوّلها الفنان الراحل المنصف السويسي للمسرح سنة 1972.
تروي « القادمون »، وفق الورقة التقديمية لها، تجربة مريرة تعيشها فرقة مسرح الشمس، تنتهي بقرار حل الفرقة وغلق المقر. واهتم التمشي الدرامي أساسا بإبراز عنصر الزنجية أو قيم المختلف داخل مجتمع معين وهو المجتمع العربي الإسلامي في حدود القرن الثالث للهجرة، حيث تطرح ثورة « الزنوج » كحدث تاريخي وسياسي، و تشير إلى مدى قبول المجتمع لهذا المختلف وتعامله معه.
ويفتح هذا الطرح المجال للعمل على موضوع « الحكم » أو « السلطة »، وإشكالية الحكم بين التوجه العسكري المتسلط وبين التوجه الحكمي الشعبي الذي يخضع لمؤسسات الشعب، تناقضات وأسس كلا التوجهين من حيث انزياح التوجه العسكري نحو التسلط والقمع والعنف والشدة والنظام، مقابل انزياح التوجه الشعبي نحو الحريات والفوضى والتهديم والانفتاح.
ويبرز العمل عبر التشخيص المتواتر لوضعيات نفسية واجتماعية وسياسية متأزمة عمق المأساة التي يعيشها المبدع، حيث يفشل الفعل المسرحي في تغيير جزء كبير من هذا الواقع وهذه الأزمة التي تتفاقم لتلقي بظلالها على أعضاء الفرقة الباحثين عن مسرح جاد وفعل فني عميق لا يستسلم لما يطلبه السوق وما تحدده الأيادي المتاجرة بالفن والباحثة عن الربح سريع.