تم مساء أمس بقاعة الفن الرابع تقديم العمل المسرحي « مدينة العجائب مرة أخرى » وهو من إخراج أحمد أمين بن سعد ومن كتابة سهام عقيل. ويندرج هذا العرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان عز الدين قنون للمسرح في دورته الأولى كما يقام في إطار الاحتفالات باليوم العالمي للمسرح الموافق ليوم 27 مارس من كل سنة، والدورة الخامسة لأسبوع اليوم العالمي للمسرح الذي يحتفي به المسرح الوطني من خلال برمجة باقة من العروض المسرحية التونسية والعربية على امتداد أسبوع.
« مدينة العجائب مرة أخرى » مسرحية يوحي عنوانها بأن مضمونها موجه للأطفال إلا أنها في الحقيقة غير ذلك فهي عمل مشحون بالنقد اللاذع والمباشر للساسة والأشكال الانتهازية والممارسات المافيوزية لأصحاب السلطة والنفوذ، وبدا هذا جليا في الحوار بين الشخصيات الذي اعتمد على المباشرتية في التبليغ والإخبار وطرح المواقف بكل جرأة وعلنية.
فالعمل استحضر في تقنياته الركحية والخطابية مدرسة بريشت والبعدية لصنع مشاهد قاسية وعنيفة تكاد تكون متعفنة لتعكس حسب وجهة نظر المخرج مدى تشوه المشهد السياسي الراهن الذي تغلب عليه المخادعة والحسابات الضيقة والتمسك المستميت لحد المرض بدواليب الحكم ليصل إلى المساومات الدنيئة والمناورات الخبيثة لضمان البقاء في منصة النفوذ والتعالي على الشعب المخدوع.
« مدينة العجائب مرة أخرى » تطرح وسط مفارقة مسرحية، تشخيصا لواقع الدولة الذي أصبح شبيها بالمسرحية ليكون المسرح لعبة داخل المسرح، وتعمد أحمد أمين بن سعد انتهاج هذا الأسلوب ليوظف المباشرتية لخدمة السخرية التعبيرية في سياقات مختلفة تزداد بشاعة مع تصاعد وتيرة المسار الدارماتوجي للعمل.
ولئن تضمنت المسرحية في بعض مواقعها إيقاعا رتيبا ومملا في الطرح الجوهري للفكرة ولعملية النقد عبر الخطاب المسرحي، إلا أن صانعي العمل اختاروا الأسلوب المتمرد والجريء في التبليغ وإيصال المقصود دون اللجوء الى الإيحاءات أو المعاني المستعارة.
هذه المسرحية تُعدّ العمل المحترف الثاني في رصيد أحمد أمين بن سعد الذي سبق وأخرج مسرحية « تونس »، ويبدو أن « مدينة العجائب مرة أخرى » التي سبقتها مسرحية « مدينة العجائب1″ ستكون متبوعة بعمل آخر يطرح عجائب جديدة في « واقع العجائب والغرائب الذي تعيشه تونس في الوقت الراهن » وفق تعبير مخرج العمل.