تتواصل أماسي رمضانيات بيت الشعر التي تتزامن مع الاحتفالات بمرور ربع قرن على تأسيس هذا البيت سنة 1993 وهو حلم الشعراء الذي تحقق مع الشاعر الراحل الصغير أولاد أحمد أول مدير لهذا البيت. وقد أثث جمع من الشعراء المترجمين وغيرهم ممن ترجمت أشعارهم إلى لغات أخرى مساء الثلاثاء رابع سهرات هذه التظاهرة السنوية التي انطلقت يوم 16 ماي وتتواصل إلى غاية يوم 29 من الشهر الحالي.
السهرة التأمت بالاشتراك بين بيت الشعر والمعهد الوطني للترجمة، وجاءت تحت عنوان « الشعر يترجمنا » في دلالة على أن « الشعر الجيد هو الذي يدفع بنا إلى أن نترجمه لذلك فهو يترجمنا » هكذا تحدث الشاعر والمترجم محمد علي اليوسفي أحد أبرز ضيوف هذا اللقاء. وسلط بالمناسبة الضوء على جوانب من تجربته الخاصة في ترجمة الشعر متحدثا عن صعوبات نشر النصوص الشعرية لعدم إيمان بعض الناشرين بـ »مردودية » الشعر .
وأشار إلى رفض عدة دور نشر في السابق نشر دواوين له منها « حجر الشمس » للشاعر المكسيكي أوكتافيو باث وبوساطة أصدقاء له، منهم بالخصوص محمود درويش الذي أذهل بالترجمة، تمكن اليوسفي من إصدار ديوانه سنة 1982 في دار نشر حديثة النشأة آنذاك في بيروت وهي « الكرمل » وبحصول أوكتافيو باث على جائزة نوبل للآداب (1990) حظيت ترجمة محمد علي اليوسفي باهتمام كبير ولاقى إصداره إقبالا منقطع النظير واشتهرت دار النشر المغمورة، وهو أفضل دليل على أن الشعر الجيد والترجمة المميزة لابد أن تصل إلى الجمهور وتمسّ القراء.
أهمية ترجمة الشعر أكدت عليه أيضا الشاعرة راضية الشهايبي التي نالت سنة 2013 جائزة الشعر الدولي المترجم، حيث بيّنت أن « الشاعر إذا لم تترجم له نصوص يبقى أحادي الجناح »، فالترجمة « تجعل الكلمة تتنقل حتى إن لم يغادر صاحبها الوطن ».
سهرة الثلاثاء التي أدارتها الإعلامية أمل الجربي، كانت مناسبة استمع خلالها عشاق الحرف إلى قراءات شعرية قدمها كل من الشعراء منية بوليلة التي قدمت قراءات شعرية بالفرنسية وأخرى بالعربية، وراضية الشهايبي التي قدمت مختارات من أشعارها وقد تولى ترجمتها إلى الإيطالية عبد المجيد يوسف، وقدم الشاعر محمد الهادي الجزيري مجموعة من أشعاره المترجمة إلى الفرنسية من قبل محمد صالح بن عمر، أما الشاعر صالح السويسي فقد قرأ على مسامع الحاضرين مختارات من أجمل قصائده المترجمة إلى عدة لغات منها الاسبانية من قبل المترجم والشاعر رضا مامي.
قصائد تغنى فيها أصحابها بالوطن « الذي طالت به المحنة » ولامست معانيها الشعور والوجدان حيث راوحت بين المناجاة والتعبير عن الفرح والحزن وتغنت بالأم وفترة الطفولة والصبا وبالحياة بشتى أبعادها، وراوحت بين استحضار معاني الحلم والأمل والقضايا الإنسانية في بعدها الكوني. وقد تخلل هذه القراءات الشعرية مراوحات موسيقية لعازف السّاكسوفون علاء الدين المكي مصحوبا بالعازف الطيب فرحات على آلة القيتار الباص.
أهمية الشعر ووجوب نقله إلى اللغات الأخرى ضرورة اقتنع بها القائمون حاليا على مركز تونس للترجمة وقد أعلن مدير عام هذه المؤسسة توفيق العلوي في كلمة بالمناسبة أمس عن اختيار المعهد لنحو 45 عنوانا بين شعر وقصة ورواية والانطلاق في شراء حقوق هذه الأعمال لترجمتها قريبا.
من جهته ثمن مدير بيت الشعر أحمد شاكر بن ضية الجهود التي يبذلها معهد الترجمة « خدمة للساحة الشعرية والثقافية عموما » حيث ساهم، ولا يزال، في التعريف بالشعر التونسي خارج الوطن وفتح نوافذ على الشعر العالمي، ونوه بارتفاع عدد منشورات الشعر التونسي الذي ترجم إلى لغات أخرى.
ويتواصل السمر مع الشعر والشعراء فبعد سهرة خصصت للشعر الشعبي وأقيمت بالاشتراك مع وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية (17 ماي) وأخرى أقيمت بالتعاون مع نادي سينما البيت ونادي سوناتا البيت تحت عنوان « بيت القصيد (18 ماي) وإثر سهرة الثلاثاء مع معهد الترجمة سيكون الشعراء والمولعون بالشعر مساء الأربعاء على موعد مع سهرة تقام بالاشتراك مع مؤسسة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة تليها مساء الخميس سهرة مخصصة للإعلام الثقافي. ويتواصل الموعد مساء السبت 25 ماي مع سهرة « بالشعر والساعد » وهي تقام بالاشتراك مع الاتحاد العام التونسي للشغل، قبل أن يسدل الستار مساء الأحد على رمضانيات بيت الشعر 2019 بسهرة مشتركة مع اتحاد الكتاب التونسيين.
ريم