أمام شبابيك مغلقة وبعد أن جابوا 20 بلدا أوروبيا وعربيا في جولة فنية متميزة ، يحل الثلاثي جبران ضيفا على المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة بتونس في نسخته الثانية ، حيث قدم الثلاثي مساء أمس الثلاثاء عرضا موسيقيا استثنائيا في مسرح الأوبرا الذي غصت مدارجه بجمهور متنوع اختار أن يمضي أمسيته مع موسيقى الإخوة الثلاثة جبران .
بأبيات شعر ساحرة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الذي عرف كأحد أعلام المقاومة بالكلمة وارتبطت قصائده بالقضية الفلسطينية ، انطلقت الأمسية الموسيقية للثلاثي الفلسطيني المحترف.
لقد دامت رحلة الإخوة مع محمود درويش 13 عاما ، حيث قدموا خلالها أكثر من ثلاثين عرضا في مختلف دول العالم وقد عزفوا في أمسياته الشعرية انطلاقا من المدن الفلسطينية، مرورا بالعواصم العربية والعواصم الأوروبية.
الهوية الفلسطينية في هذا العرض كانت متجلية في أدق التفاصيل فالنقوش المرسومة على آلة العود الشرقية التي يعزف عليها الثلاثي بتناسق وانسجام ، هي نقوش فلسطينية تروي تاريخ بلد عريق يحمل عبق حضارة سخية في منطقة الشرق الاوسط.
آلات العود الشرقية التي يعزف عليها الثلاثي صنعها شقيقهم الأوسط وسام ، هي موهبة وحرفة اكتسبها عن والده صانع أعواد الجيل الثالث، قبل أن يتخصص في دراستها بمعهد أنطونيو ستراديفاري في إيطاليا.
لم تكن آلة العود الشرقية هي الآلة الوحيدة في هذا العرض فقد كانت آلة التشيلو الوترية حاضرة بموسيقاها الفريدة المتناغمة مع الآلات الأخرى.
راوح الثلاثي جبران بين الموسيقى العربية الشعبية والموسيقى الغربية نتج عنها تركيبة موسيقية فريدة من نوعها تعكس البصمة الخاصة للإخوة وتحمسهم لبلوغ النجومية العالمية.
قدم الإخوة للجمهور المتعطش لموسيقاه ، انتاجاتهم القديمة والجديدة على غرار مقطوعات موسيقية من ألبوم « المسيرة الطويلة » الذي صدر سنة 2019 بعد سبعة أعوام من ألبومهم الأخير وقد استلهمت جل مقطوعات هذا الألبوم من قصيدة « خطبة الجندي الأحمر » للشاعر الفلسطيني محمود درويش.
وفي إطار انفتاحهم على الموسيقى العالمية والأنماط الموسيقية الأخرى ، تعامل الثلاثي مع الفنان روجر واترز في عمل فني توج بأغنية مهداة إلى أطفال غزة تم تقديمها في هذا العرض.
« بعد أن أقمنا 20 أمسية في مختلف بلدان العالم نقدم هذه المرة عرضا بتونس ليكون الختام مسكا…سنرمي بقلوبنا هنا على المسرح ».. بهذه الكلمات عبر سمير الأخ الأكبر عن حبه وامتنانه لتونس التي كانت ولازلت مساندة للقضية الفلسطينة وفق قوله ولم يخف سمير جراحه وتأثره بهذه القضية التي تعتبر من أهم المسائل المحورية التي تطرحها موسيقى الثلاثي جبران.
تفاعل الحاضرون مع أغنية « أهواك » لعبد الحليم حافظ ورددوا كلماتها مع الثلاثي الذي اختار أن يثري السهرة بألحان الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب.
وكانت نهاية العرض مع العازف الإيراني حبيب مفتاح عازف آلة » الكاخون » الذي أطرب السامعين بموال من التراث الإيراني بصوته الشجي والمرهف.