دعا المشاركون في ورشة علمية حول « الإعلام الثقافي »، انتظمت اليوم الخميس، بمقر النقابة الوطنية للصحافيين، إلى ضرورة تصدي الصحافة الثقافية والصحفيين المختصين في النقد الثقافي عموما لخطر زحف المنظومة الرأسمالية التي باتت تهددها بالاندثار، وفق تقديرهم.
ونبه الصحافي خالد الطبربي، خلال هذه الورشة التي تلتئم في إطار شراكة بين النقابة والهيئة المديرة لايام قرطاج السينمائية، الصحافيين والاعلاميين والنقاد المختصين في المجال الثقافي من خطورة الانزلاق إلى مستوى الرداءة نتيجة تدخل رؤوس الاموال في محتوى المادة الاعلامية التي يقع تقديمها من جهة وفي محاولة توجيه عملهم من جهة اخرى.
واعتبر ان بعض القنوات الخاصة، تعاني خاصة بعد الثورة من هذه « المعضلة »، مرجحا الأسباب إلى عديد التراكمات الراجعة اساسا الى نظام بن علي الذي حارب بشتى الوسائل الثقافة والفكر في مرحلة اولى، وإلى ارتفاع عدد القنوات التفزية والاذاعية الخاصة وانتشار الفوضى في مجال الاعلام نتيجة الفهم الخاطئ للحرية بعد الثورة مما تسبب في « انحلال الصحافة الثقافية » في مرحلة ثانية وفق تقديره.
ودعا في هذا الصدد، إلى تمكين الصحافيين من التكوين الجيد في اختصاص الثقافة بهدف ايصال مادة اعلامية ثقافية شاملة وبناءة للجمهور المتلقي كي يكون مواكبا لكل ما يحدث على الساحة الثقافية من مستجدات وفق رؤية نقدية محايدة، كما شدد على ضرورة تكوين نقاد في المجال الثقافي.
وفي تقييمه لوضعية الاعلام الفني في تونس، اعتبر ان النقاد في مجال السينما والمسرح يتمتعون بالخبرة والتكوين الجيد والجاهزية الكاملة في تناول المواضيع ذات الصلة من خلال حرصهم على الانطلاق من الخلفية التاريخية لأي موضوع يقع طرحه والالمام بجميع المدارس الفنية سواء تعلق الامر بالمسرح والدراية بكافة التقنيات الموظفة اذا تعلق الامر بالسينما، ولا تجوز مقارنتهم بالنقاد في المجال الموسيقي « الذين يكادوا يكونون منعدمين تماما »، نظرا لضعف التكوين وانعدام الخبرة، حسب قوله.
وعزا أسباب غياب النظرة النقدية تجاه الفن واقتصار الساحة الثقافية على اسماء محدودة جدا لنقاد بارزين واحتكارهم للمنابر الاعلامية خاصة في فترة ما بعد الثورة، الى غياب الارادة الحقيقية لدى الصحافيين للتكوين في المجال الثقافي وانتماء البعض منهم الى جهات معينة تفرض املاءاتها على الصحافيين كي يتبنوا فكرا نقديا بعيدا كل البعد عن قناعاتهم الشخصية وعن الواقع، داعيا في هذا الاطار كافة الصحافيين الى ضرورة التصدي لمثل هذه الممارسات والالتزام بالحياد والموضوعية عند الخوض في نقد المسائل الثقافية.
من جانبه، دعا الصحافي بادي بالناصر، بالمناسبة، إلى إحداث متحف خاص بالفن المعاصر، مشددا على ضرورة دعم وزراة الشؤون الثقافية لدور الثقافة في كامل تراب الجمهورية وتحفيز الفعل الثقافي على مستوى الجهات الداخلية، إضافة إلى توفير الحقوق المادية والمعنوية للفنان حتى يتمكن من العيش الكريم ويستطيع تقديم الاضافة وإنجاز أعمال فنية إبداعية.