أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سليم خلبوس، لدى رده، مساء أمس الجمعة، على تساؤلات النواب خلال مناقشة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2017، أن اللجنة المكلفة بإصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي أنهت أعمالها بخصوص تشخيص نقائص القطاع، وأن المرحلة الحالية هي مرحلة توفير الحلول العاجلة والآجلة لكل الإشكاليات العالقة.
وقال خلبوس إن الإصلاح يهم أربعة محاور كبرى، هي « السياسة العامة للوزارة »، و »مشاكل التعليم العالي »، و »صعوبات البحث العلمي » و »مسألة الخدمات الجامعية »، مبينا أن الوزارة انتهجت، وفق تقديره، « طريقة علمية في تنفيذ هذا الإصلاح، ترتكز على ترشيد حوكمة الإدارة والمؤسسات الجامعية، والانفتاح على المحيط، مع الاعتماد على مبدأ الشفافية، وترسيخ ما أسماه « ثقافة المعايير »، والحوار الفعلي مع كل الأطراف.
واعتبر أن المسألة البيداغوجية من أهم المسائل التي تستوجب الإصلاح، وذلك من خلال وضع رؤية واضحة في تكوين المكونين وتقييمهم قصد إجازة اعتمادهم للتدريس صلب المؤسسات الجامعية.
وبخصوص تقلص عدد الطلاب، اعتبر الوزير، أن « هذا الانخفاض لا يمثل مؤشرا سلبيا، وإنما سيمثل ضمانة لجودة المتخرجين نتيجة لارتفاع نسب التأطير »، لكنه أقر بأن المشكل الحقيقي في مستوى التعليم العالي يوجد في ما وصفه ب »التفاوت بين الجهات »، قائلا « إن عديد المؤسسات الجامعية تعاني من قلة استقطاب الطلبة، بسبب سوء اختيار المسالك والشعب التي لم تراع فيها خصوصيات كل جهة ».
ورأى، من ناحية أخرى، أن نقص الطلبة التونسيين سيمكن الجامعات الوطنية من استقطاب عدد أكبر من الطلبة الأجانب، لاسيما وأن طلبات عديدة وردت على الوزارة من
كثير من البلدان الإفريقية، وحتى من بلدين شقيقين مجاورين (الجزائر وليبيا). وذكر أن الوزارة تفكر في استقطاب نسبة من الطلبة الأجانب بمقابل، بما يمكن من توفير اعتمادات إضافية للمنظومة.
أما بالنسبة لمشكلة الأساتذة المتعاقدين، فقد أوضح خلبوس، أن عددا منهم انتهت فترات التعاقد معهم، لأن مبدأ التعاقد كان في المنطلق إعانتهم على إنجاز بحوثهم، مشيرا إلى أن ارتفاع طلبة مرحلة الدكتوراه هو الذي تسبب في تفاقم هذا المشكل.
وقال « إن الوزارة فكرت في إدماج هذه الكفاءات في عدة قطاعات (خارج منظومة التعليم العالي والبحث العلمي)، لأن مراكز البحث التابعة لها غير قادرة على استيعابهم ».
وأفاد بأنه تم من ناحية أخرى الاتفاق مع نقابة الأساتذة المبرزين، وأن الأمر المتعلق بوضعيتهم المهنية سيصدر قريبا، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل أيضا على تحسين نص أمر كان صدر في أكتوبر من سنة 2013 ويتعلق بكل من يحمل صفة باحث، وسيمكن هذا الأمر، عند تفعيله، من تسوية الكثير من الوضعيات.
وشدد على ضرروة أن يسهم الجميع في ضبط الخارطة الجامعية بما يجعل التكوين الجامعي ملائما للواقع الاقتصادي، ومستجيبا لمتطلبات سوق الشغل في الداخل والخارج.
وأعلن وزير التعليم العالي أن السنة المقبلة ستشهد ترفيعا في منحة الطلبة لتبلغ مائة دينار لترتفع إلى 120 دينارا في السنة التي تليها مقابل 60 د حاليا، مؤكدا أن الوزارة تبذل جهودا سخية لتحسين الخدمات الجامعية، وأن وضعية هذ الخدمات « ليست سيئة » بالدرجة التي يتم الترويج لها، وفق تقديره.
وتابع قوله « إن المطاعم الجامعية تقدم في اليوم 75 ألف وجبة للطلبة وللعاملين بالمؤسسات الجامعية، ولم نسمع قط عن حالات وبائية أو ما شابه، لكن نعترف بأن نوعية الخدمات تختلف من مطعم لآخر، ونحن نسعى إلى تحسين كل ما هو سيء ».
وأشار إلى أن الوزارة بصدد التفاوض من أجل ألا يتحمل الطلبة عبء الضريبة الموظفة على المبيتات الخاصة والمقدرة ب6 بالمائة.
وأكد سليم خلبوس أن التعليم العالي العمومي يظل في تونس هو المرجع، مؤكدا أن معيار الجودة شرط أساسي للاستثمار في التعليم الخاص. ويبلغ عدد الطلبة المنتمين إلى القطاع الخاص 30 ألف طالب مقابل أكثر من 220 ألفا في القطاع العمومي، وفق أرقام الوزير.
وذكر خلبوس أنه يجري إنجاز دراسة هيكلة جديدة لوضع البحث العلمي، مشيرا إلى أنه تم تغيير كل المديرين العامين المكلفين بهذا الملف، وإلى أن ندوة حوار حول الموضوع ستنتظم يومي 15 و16 ديسمبر الجاري.
واستطرد بالقول « إن تونس مصنفة أول دولة في الإنتاج العلمي إفريقيا ب6 آلاف مقال علمي ».
وألمح وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى أن بلدانا كثيرة مهتمة بالشراكة مع تونس في هذا القطاع، منها دول تعد من الشركاء التقليديين، على غرار فرنسا وألمانيا، فضلا عن شركاء جدد، كالصين.
وإثر تعقيب الوزير، صادق النواب على مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بموافقة 84 نائبا واحتفاظ 10 واعتراض نائبين.