نفذ مساء امس الثلاثاء، اهالي جرجيس من عائلات المفقودين في فاجعة مركب الهجرة غير النظامية ومسانديهم من منظمات وجمعيات، وقفة احتجاجية دعت اليها هيئة الحقيقة والعدالة بجرجيس، اعلنوا خلالها عن تعليق الاعتصام الذي تواصل لحوالي 5 اشهر امام المعتمدية، بهدف فسح المجال امام السلطة القضائية للقيام بمهامها، مع مواصلتهم التمسك بالمحاسبة والعودة الى النضال اذا لم يتقدم المسار القضائي للملف، وفق علي كنيس الناشط بالمجتمع المدني.
واضاف كنيس، ان يوم 21 من كل شهر سيكون موعدا شهريا قارا للقاء مع عائلات المفقودين، ومع عودة ابناء جرجيس المقيمين بالخارج ستستانف جرجيس حراكها الاجتماعي بكل ما اتيح من اشكال نضالية تمليها الضرورة، على حد تعبيره.
من جهته، اعتبر شمس الدين بوراسين رئيس جمعية البحار التنموية، التي اطرت حراك جرجيس وتبنته منذ البداية، ان قرار تعليق الاعتصام لم يكن قرارا سهلا بعد اشهر من الحراك، ولا يعتبرا تخليا عن القضية بل هي متواصلة، لا سيما في ظل توفر وثائق تثبت وجود جريمة كل ملامحها واضحة، ولكنه جاء لاعطاء فرصة للدولة للكشف عن خفايا الفاجعة ومحاسبة المتورطين وتحديد المسؤوليات، حسب قوله.
واكد الهادي الحميدي عن الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس، ان تعليق الاعتصام ليس تراجعا او هزيمة او تشكيكا في الحراك او في نتائجه التي ارتقت بالملف « من حادثة غرق الى جريمة اغراق ودفن غير قانوني »، لافتا الى وجود عدة مفاجات في شهر مارس المقبل.
وثمن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبر ناطقه الرسمي رمضان بن عمر، تعليق الاعتصام كنقطة ايجابية تحسب لاهالي جرجيس، من اجل فسح المجال للسلطة القضائية لتقوم بمهامها،بما يعكس استعدادهم للتعاطي الايجابي كلما كانت الارادة السياسية حقيقية في الكشف عن ابعاد الجريمة، حسب قوله.
وقال ان ما حصل في جرجيس هو بمثابة رسالة للدولة لتراجع سياساتها، وخاصة مع المآسي البحرية التي تفاقمت هذه السنة، مؤكدا حرص المنتدى على وضع اطار وطني خاص بالمفقودين في البحر في شكل لجنة تكون في الخطوط الامامية عند حصول الازمة، وتعرف كيفية التعامل مع الاهالي ومرافقتهم لتجنب مثل هذه التوترات.
وذكر ان ارقام عمليات الهجرة التي سجلت سنة 2022 كانت قياسية ولم تشهدها سنة 2011 ، حيث تم رصد اكثر من 35 الف تونسي وصلوا الى الفضاء الاوروبي عبر البحر المتوسط، سواء في اتجاه ايطاليا (اكثر من 18100 شخصا) أوعبر تركيا (اكثر من 17 الف شخص)، الى جانب منع السلطات التونسية اكثر من 38 الف مهاجر غير نظامي من الوصول الى السواحل الايطالية.
ولاحظ ان هذه الارقام تبرهن على تعمق الازمة في تونس والتي القت بتداعياتها على كل الفئات، متوقعا ان يتم هذه السنة تسجيل عمليات هجرة غير النظامية أكثر من السنوات الماضية، اذ سجل شهر جانفي من هذه السنة وصول 541 مهاجرا الى السواحل الايطالية، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا باعتبار ان شهر جانفي عادة ما يمثل فترة عزوف عن الهجرة بسبب رداءة الاحوال الجوية.
ودعا بن عمر الدولة، الى مراجعة المقاربات المعتمدة بالسواحل التونسية في مجال البحث والانقاذ والعمل الاستباقي بمنطق المساهمة في انقاذ الارواح، في انتظار ان تضع الدولة البلاد في مسار يعيد الامل للتونسيين حتى لا يفكروا مستقبلا في الهجرة عبر البحر، حسب قوله.