أدان مجلس الهيئة الوطنيّة للمحامين، قرار إحالة بعض المحامين من أعضاء هيئة الدفاع عن المحامية، نسرين قرناح والصادر عن الوكيل العام لمحكمة الإستئناف بتونس وذلك ل »طابعها العشوائي ومخالفتها أحكام الدستور والمرسوم المنظّم لمهنة المحاماة وإخلالها بشرط الحياد والنزاهة ».
وأوضح مجلس الهيئة في بيان له، إثر إجتماعه الثلاثاء الماضي واطلاعه على توصيات ندوة الفروع الجهوية للمحامين، أنّ المحامين المحالين كانوا يؤدّون واجبهم المهني، داعيا إياهم إلى عدم الإمتثال وعدم حضور أي عمل إجرائي أو تحقيقي مرتبط بتلك الإحالة التي وصفها بالباطلة. كما أكد على « مقاطعة جميع أعمال قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية ببن عروس ».
يُذكر أن المحامية نسرين القرناح كانت تعرضت في 4 أوت 2020 للاعتداء المادي واللفظي من قبل رئيس مركز الأمن بالمروج 5، بعد أن توجهت رفقة منوبها إلى مركز الأمن المذكور لمباشرة مهامها.
وقد أعرب رئيس الهيئة الوطنية للمحامين، إبراهيم بودربالة خلال ندوة صحفية يوم 14 أكتوبر 2020 عن أسفه لما حدث في المحكمة الابتدائية ببن عروس، يوم 9 أكتوبر 2020، (بمناسبة النظر في حاتدثة الاعتداء على المحامية)، من خلال تواجد عناصر أمنية حول المحكمة، حاملين سلاحهم، « مما أثر تأثيرا مطلقا على سير الاستقراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق » مشدّدا على أن قطاع المحاماة، « لن يقف صامتا أمام ما يحدث من تأثير سلبي من عديد الجهات على استقلالية القضاء ».
كما قرّر المجلس أيضا عدم قبول أيّ مطلب ترسيم بجدول المحامين، لأي قاض متقاعد أو مستقيل، « في ظلّ عدم تفعيل الفصل 32 من القانون المتعلّق بنظام القضاء والقانون الأساسي للقضاة الذي يجيز التحاق المحامين بالقضاء وعدم الاستجابة لمطالب المحاماة التونسيّة في خصوص دعم وتحفيز المحامين، مهنيّا وجبائيّا وماليا ».
وقرّر كذلك ن تقديم شكاية جزائيّة « ضدّ كل من تورّط في إخفاء الحقيقة ومحاولة إتلاف أدلّة جنائيّة أثناء التتبّع الأوّل في ملف الإعتداء على المحامية نسرين قرناح مع مواصلة تنفيذ جملة القرارات السابقة المتعلّقة باللجوء إلى كافّة الهيئات والمنظمات الإقليميّة والدوليّة لشرح المستجدّات الجديدة وما تتعرّض له المحاماة التونسيّة من استهداف.
ودعا مجلس الهيئة، السلط العموميّة، إلى « فتح حوار شامل ومعمّق بمشاركة جميع الأطراف الوطنيّة ومكوّنات المجتمع المدني ذات العلاقة حول وضع القضاء والحريات وسماع مقترحات المحاماة التونسيّة في خصوص مشاريع القوانين ذات الصلة والإصلاح الفوري لظروف العمل في المحاكم، عبر تكريس العدالة الرقميّة وتوفير ضمانات السلامة في ظلّ جائحة كورونا ».
وحمّل المسؤوليّة إلى السلط العموميّة جميعها، التنفيذية والتشريعية والقضائيّة، « لما آلت إليه الأمور من محاولات عودة لمربع استغلال السلطة والانحراف بالإجراءات وتغيير الحقائق وتوظيف القضاء لسطوة الخارجين عن القانون »، حسب نص البيان.
كما دعا هذه السلط إلى « تركيز الجهد على مشاريع القوانين ذات الصلة بإصلاح المنظومة القضائيّة وضمان حقوق الدفاع والحريات الخاصّة والعامّة والعيش الكريم للمواطنين، عوض الانشغال بمشاريع تمسّ من جوهر تلك الحقوق، كمشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين وتعديل المرسوم عدد 116 المتعلّق بحرية الإتصال السمعي والبصري ».
وقد ندّد البيان بتعدّد وتكرّر الاعتداءات الماديّة والمعنويّة على المحاماة والمحامين وعدم تتبّع ومحاسبة المعتدين وتمكينهم من الإفلات من المحاسبة والعقاب واستهدافها بسنّ عديد القوانين التي تمسّ بالسر المهني للمحامين وباستقلاليّة المهنة وسلطة التسيير الذاتي للقطاع ووحدة جدول المحامين وعدم إيلاء العناية لشباب المحاماة بحرمانهم من الحوافز الجبائيّة والمالية والمهنية.
كما سجّل مجلس الهيئة الوطنيّة للمحامين استياءه إزاء ما وصفه ب »لامبالاة المجلس الأعلى للقضاء في خصوص التعاطي مع الاعتداءات التي طالت المحامين وعدم تطبيق القانون ضدّ المعتدين والمخالفين للقانون وعدم تشريك مجلس الهيئة في إقتراح الإصلاحات الأساسيّة لمرفق العدالة وضبط رؤية مشتركة في خصوص القوانين الأساسيّة لمكوّنات السلطة القضائيّة وعدم السعي والحرص على تكوين لجنة لفضّ النزاعات والخلافات والإشكالات الطارئة بين القضاة والمحامين، ممّا أثّر سلبا على مناخ العمل بالمحاكم وسير مرفق العدالة والحدّ من الضمانات القانونيّة للممارسة حقّ الدفاع ».